رنا باسم محمد ربحي الدجاني

الاهتمامات البحثية والمجالات المعرفية
 
 رنا دجاني هي عالمة أحياء جزيئية وعالمة وراثة تتركز أبحاثها على تتبّع العلاقة بين علم الأحياء البشري والبيئة والهوية والشدائد. بدأت أعمالها في مجال الوراثة السكانية وعلم الخلايا الجذعية، حيث درست كيف تؤثر التنوعات الوراثية والأصول الجينية وتعدد الأشكال الجينية في الصحة لدى المجتمعات الشرق أوسطية التي لم تحظَ بتمثيل كافٍ في الأبحاث العلمية. وقد تناولت دراساتها الأولى البنية الوراثية للأقليات العرقية في الأردن – مثل الشركس والشيشان – مما ألقى الضوء على التنوع البشري في المنطقة وقابلية الإصابة بالأمراض مثل السكري والسرطان. وفي الوقت نفسه، أسهمت أبحاثها حول مؤشرات الخلايا الجذعية في تطوير الطب التجديدي ضمن سياقات البحث الطبي الحيوي الإقليمي.
انطلاقاً من هذا الأساس في دراسة التنوع الجيني والآليات الجزيئية، تطوّر تركيز دجاني نحو دراسة التفاعلات بين الجينات والبيئة، ولا سيما في سياقات الحرب والصدمة والقدرة على التكيّف. وبالتعاون مع علماء نفس وأنثروبولوجيا، بدأت بدراسة الشباب السوريين اللاجئين في الأردن، مستكشفةً كيف تتفاعل المتغيرات الجينية (مثل MAOA و5-HTTLPR وCOMT) مع العوامل النفسية والاجتماعية مثل المرونة والتعرّض للضغوط. وقد أعادت هذه الأبحاث صياغة النظرة إلى الصدمة النفسية من منظور وراثي، متجاوزةً التركيز على المرض إلى دراسة كيف تتضافر العوامل البيولوجية والاجتماعية في تشكيل التعافي والتكيّف.
أما أحدث وأبرز أبحاثها فتتناول علم الوراثة اللاجينية (Epigenetics) المتعلق بالصدمة العابرة للأجيال. فمن خلال دراسات شاملة للجينوم الإبيجيني لعائلات سورية لاجئة تمتد عبر ثلاث أجيال، تمكنت دجاني وزملاؤها من تحديد أنماط مميزة في مثيلة الحمض النووي (DNA methylation) ترتبط بالتعرّض للحرب، وهي دلائل على أن العنف والنزوح يمكن أن يتركا "بصمات جزيئية" تُورّث عبر الأجيال. وتُبرز هذه النتائج كيف يمكن للتجارب المعيشية في أوقات الصراع أن تُصبح جزءاً من البنية البيولوجية، وكيف يمكن للمرونة النفسية والاجتماعية أن تخفف من آثارها، مما يربط بين علم الأحياء الجزيئي والسياقات الإنسانية والاجتماعية.

الأهمية العلمية والمجتمعية
الجسر بين علم الأحياء الجزيئي والعلوم الإنسانية:
تربط أبحاث دجاني بين علم الوراثة في المختبر والعمل الميداني مع اللاجئين، موضحةً كيف يمكن للتجربة الاجتماعية أن تُترجم إلى تغيّرات بيولوجية. ويُعدّ برنامجها من أوائل البرامج البحثية المستمرة في الشرق الأوسط التي تدمج البيانات الجزيئية بالأطر النفسية والاجتماعية في دراسة المجتمعات المهجّرة.
توسيع نطاق علم الجينوم العالمي:
من خلال دراسة السكان العرب واللاجئين الذين لم يُمثّلوا سابقاً في قواعد بيانات الجينوم، تسهم أعمالها في تنويع قاعدة البيانات الجينية العالمية، ومعالجة الفجوات الجغرافية والثقافية الطويلة الأمد في أبحاث علم الأحياء البشري.
إعادة صياغة مفهوم الصدمة والمرونة:
بدلاً من النظر إلى الصدمة من منظور مرضي بحت، تُبرز دجاني المرونة باعتبارها قوة بيولوجية واجتماعية في آنٍ واحد – وهو منظور له تأثيرات عميقة على فهم الصحة النفسية وعلم الأحياء التطوري والتعافي بعد النزاعات.
الأثر السياسي والأخلاقي:
تحمل نتائج أبحاثها دلالات مهمة على صعيد الصحة العامة والمساعدات الإنسانية والسياسات، وخصوصاً في تصميم تدخلات تأخذ في الاعتبار كلاً من الهشاشة البيولوجية والمرونة الاجتماعية لدى المجتمعات اللاجئة والمتأثرة بالصراعات.

خلاصة
يمكن وصف مجال أبحاث رنا دجاني بأنه دراسة الاستجابات الجينية والوراثية اللاجينية للإنسان تجاه البيئة والشدائد والمرونة، من منظور محلي وعالمي في آنٍ واحد. فهو يجمع بين علم الوراثة الجزيئي، وعلم الأحياء التطوري، وعلم النفس، والعلوم الاجتماعية، ليقدّم نموذجاً رائداً يبيّن كيف تُكتب قصص الصدمة والتكيّف ليس فقط في السرد الإنساني، بل أيضاً في الجينوم البشري ذاته.
رنا باسم محمد ربحي الدجاني

رنا باسم محمد ربحي الدجاني

اهلا وسهلا بكم في موقع اعضاء الهيئة التدريسة في الجامعة الهاشمية
